تشكيل الدورة الثالثة للاجتماع التمهيدي الخاص بالدورة الرابعة للمؤتمر السنوي للنموذج الإسلامي الإيراني للتنمية في موضوع: "خطاب الثورة الإسلامية، الهوية والتنمية"

 

 

الحضارة الإسلامية الجديدة حركة مستقبلية تقدمية و ليست رجعية

تمّ تشكيل الاجتماع التمهيدي الخاص بالدورة الرابعة للمؤتمر السنوي للنموذج الإسلامي الإيراني للتنمية يوم الأحد 28 من شهر دي بمشاركة مركز الثقافة والدراسات لمركز الثقافة والفكر الإسلامي حيث ألقي كلّ من حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسن علي اكبري والدكتور محمد رحيم عيوضي والدكتور علي بيگدلي وحجة الإسلام والمسلمين الدكتور أحمد جهان بزرگي والدكتور موسي حقاني وحجة الإسلام والمسلمين علي ذوعلم كلمةً فيها.

 

موجز نص هذه الكلمات هي:

 

 

1- حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسن علي أكبري بعنوان " هوية ثقافة الثورة الإسلامية والنزعة التنموية"

أول من خطب في الندوة هذه هو حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسن علي اكبري وموضوع خطابته " هوية ثقافة الثورة الإسلامية والنزعة التنموية" أشار في كلامه أنّ مفهوم التنمية تطور ببركة الجمهورية الإسلامية أيضا وقال: لانتعسف إذا نقول بأنّ مفهوم التنمية قبل الثورة الإسلامية أيضاً كان مصاباً بأزمة من حيث الهدف، ومصدر هذه الأزمة عدم قابلية الجمع بين مفهوم التنمية والقيم، والثورة قامت بحلّ هذه المشكلة. أضاف أنّه بعد الثورة الإسلامية تحولّ موضوع التنمية قائلاً: بعد الثورة تغيّرت مؤشرات التنمية وتغيّر موضوعها وقضية الحكم وتمّت إعادة تعريف مجالات التحديث وكذلك أصبح العدل والتنمية هدفاً أيضاً حيث تحققت الظروف الإجمالية للتنمية نظرياً وتطبيقياً.

اعتبر علي أكبري الثورة الإسلامية ردّ فعل للهجوم الثقافي الذي تعرض له الشعب الإيراني وأشار إلی القاعدة الثقافية لخطاب الإمام الخميني (ره) وسماحة المرشد الأعلی وقال: للثورة الإسلامية جوهرة ثقافية في ثلاثة أبعاد وهي القيم، والمعتقدات، والسلوك. لذلك استهدف أعداء الثورة المؤشرات الثقافية للثورة الإسلامية.

 

 

2- الدكتور محمد رعيم عيوضي بعنوان: "مستقبل خطاب الثورة الإسلامية وتنمية الهوية"

كما تناول الدكتور محمد رعيم عيوضي في خطابه إلی موضوع " مستقبل خطاب الثورة الإسلامية وتنمية الهوية"  وأشار أنّه يجب النظر علی خطاب الثورة الإسلامية من منظار الهوية وقال: الثورة الإسلامية كما يراها مجموعة محدودة، ليست ظاهرة تاريخية، بل ظاهرة صانعة للتاريخ. أضاف عيوضي أنّ الثورة الإسلامية اكتسبت معناها من الدراسة المستقبلية وقال: هذا التيار مثل نهر يؤدي دوره في ترسيم النهايات وهذا النهر رغم أنه جاري ولكنه يبحث عن الثبات.

أكّد هذا الأستاذ الجامعي أنّه علی موضوع الثورة الإسلامية أن يكون لها خطاب وهوية ودور الدراسة المستقبلية، كي تصل إلی آفاقها المنشودة قائلاً: من الضروري الدراسة المستقبلية للثورة الإسلامية لأنّ ماهية الثورة هي التغيير والتحوّل والبناء.

للدراسة المستقبلية يجب القيام بخطوتين أساسيتين؛ الخطوة الأولی تعريف عمليات ستتم في المستقبل، والخطوة الثانية المحاولة في سبيل بناء مستقبل منشود، والمستقبل المنشود للثورة الإسلامية مستقبل ماهوي، لأنّ للثورة ماهية وهوية إسلامية. أشار عيوضي إلی المشاكل التي تسبّب الأزمات في المستقبل واعتبر من واجبات الدراسة المستقبلية تعريف مواطن الضعف والقضايا المستحدثة، وأكّد علی إعداد استراتيجيات جزئية وكلية.

أردف في ختام كلامه قائلا: هناك ثلاثة قوی متحركة صانعة للمستقبل الماهوي في الثورة الإسلامية وهي: علاقة الدين بالسياسة، وديمقراطية دينية علی أساس ولاية الفقيه، والمشاركة في المحافل الدولية.

 

 

3- تحدث الدكتور علي بيگدلي في خطابه حول "قدرات بناء الحضارة لإيران عبر التاريخ"

قام بتقسيم فترات تاريخية لإيران واعتبر العصر الساساني دولة قوية ذات هوية حيث دخلت هذه الهوية الإيرانية إلی الحضارة الإسلامية بعد دخول الإسلام لإيران.

أضاف هذا الأستاذ الجامعي: ليس هناك شعب يكون له أثر في الحضارة الإسلامية علی قدر الفرس. تناول بيگدلي في كلامة الفترات التاريخية ونهضة الترجمة ودخول العلوم إلی العالم الإسلامي واعتبر فترة تطور النزعة الفكرية إلی القرن الرابع والخامس الهجري القمري، ورأی بداية تصاؤل هذه الفترة المزدهرة، تربُّع الأتراك التركستانيين علی كرسي الحكم والسلطة لأنّهم لم تکن لديهم هوية ايرانية ولا معرفة للإسلام.

أشار إلی الحروب الصليبية كطريق للتقابل الفكري والثقافي بين العالم الإسلامي وأوروبا وذكر طرق دخول هذا العلم لأوروبا من ثلاثة مناطق وهي الجزيرة الصقلية والأندلس والبيزنطة. واعتبر في ختام كلامه سبب عدم إعادة المسلمين للفترة الذهبية للحضارة الإسلامية، سيطرة الأتراك العثمانيين علی طرق الاتصال بين ايران والعالم الغربي.

 

 

4- حجة الإسلام والمسلمين الدكتور أحمد جهان بزرگي وعنوان خطابه هو "الديمقراطية الدينية والحضارة الإسلامية"

كان المفكر الآخر الذي خطب في هذه الندوة هو حجة الإسلام والمسلمين الدكتور احمد جهان بزرگي حيث تحدّث في موضوع "الديمقراطية الدينية والحضارة الإسلامية". أشار جهان بزرگي إلی تاريخ الحكم الشعبي قبل ثلاثة آلاف سنة ماضية في شتی المجتمعات وقال: اليوم نسمّي هذا النوع من الحكم بالديمقراطية.

قسم جهان بزرگي الديمقراطية إلی قسمين من حيث الصفات، وهما: الديمقراطية البحتة والديمقراطية غير البحتة قائلاً: في الديمقراطية البحتة يكون مصدر التشريع، مطالب الشعب وفيها التعددية. فهذا النوع من الديمقراطية لم تتشكل أبداً. وفي طرف آخر هناك الديمقراطية غير البحتة التي مصدر التشريع فيها هو المدرسة الفكرية وسيطرت عليها الأيدئولوجية العقائدية الموحّدة وعلی أساسها شكّلت الديمقراطيات المختلفة.

صرّح هذا الأستاذ الجامعي في کلامه مشيراً إلی كلام الإمام الخميني (ره) وسماحة المرشد الأعلی: قال الإمام (ره) "أنّ الديمقراطية موجودة في الإسلام". كما قال في مكان آخر: "الديمقراطية التي نريد أن نؤسّسها لم تكن موجودة لدي الغرب" كما أكّد المرشد الأعلی للثورة الإسلامية علی هذا وقال: "جمهوريتنا قد استنبطت من الإسلام والإسلام لايسمح ألّا تكون هناك ديمقراطية". لذلك مثل هذه الأقوال يؤكّد لنا أنّ الديمقراطية موجودة في صميم الإسلام.

ختم جهان بزرگي كلامه قائلاً: تعتمد الديمقراطية الإسلامية علی ثلاثة سلطات: 1- السلطة التكوينية 2- السلطة شبه التكوينية 3- السلطة التشريعية.

 

 

5- الدكتور موسي حقاني وموضوع خطابه هو "الفكر التقدمي الموجّه للغرب والهوية الوطنية للايرانيين"

كما خطب الدكتور موسي حقاني في تتمة الندوة في موضوع " الفكر التقدمي الموجّه للغرب والهوية الوطنية للايرانيين" وأشار أنّ التنمية والنزعة التقدمية قد طُرحت في ايران منذ فترة الحكم الغجري وقال: الفكر التقدمي نتاج عصر التنوير وقد نما في ايران بواسطة ميرزا حسين خان سپهسالار وأمثاله.

أشار هذا الأستاذ الجامعي إلی مؤشرات النزعة التقدمية الغربية التي بدأت منذ القرن 17 و18 الميلادي وقال: قد تغيّرت المؤشرات ببداية هذه الفترة في المجتمع الإيراني، علی سبيل المثال في ايران تلك الفترة، هناك اختلاف بين المجتمع والحكم. والشعب كلهم رعايا ولم تكن تدخل الدين في الشؤون السياسية. فمن المؤشرات الجديدة التي اهتمت بها هي: أنهّ يجب زيادة الانتاج، والسيطرة علی البيئة، والعلم والحكمة سبب العلم والبصيرة، ويجب الاهتمام بالتعليم العام والقدرات الفردية، وأن تتمّ دراسة الحياة الملموسة للإنسان.

اعتبر حقاني دخول هذه الموجة التي شكّلت بتقليد من الغرب في الفترة الغجرية، من الأسباب التي لحقت الأضرار بالهوية الوطنية وقال فيما يتعلق برفض هؤلاء التقدميين للإسلام: يمكن تقسيم هؤلاء الأشخاص إلی قسمين حسب نوع تعاملهم وهما:

1- طريقة الإلغاء التي أتبعها أشخاص مثل ميرزا فتحعلي آخوندزادة، وفي رؤية هؤلاء إلغاء تام للإسلام في المجتمع.

2- طريقة المسخ التي وسّها أشخاص مثل ميرزا ملكم خان، إذ قرروا أن يقوموا بكلّ الإجراءات باسم الإسلام. بعبارة أخری قصد هؤلاء عصرنة الإسلام وهذه كانت بداية حركة التنوير الديني.

 

 

6- حجة الإسلام والمسلمين ذوعلم وخطابه هو " الهوية الثورية وقدرة بناء الحضارة لخطاب الثورة الإسلامية"

كما خطب في ختام هذه الندوة حجة الإسلام والمسلمين ذوعلم، وتحدث في ضرورة الدراسة فيمايتعلق بالهوية الثورية والشبهات والأسئلة الموجودة في هذا المجال وقال: هل الثورة مؤشر صانع للهوية؟ هل كانت الثورة حدثاً اجتماعياً يوازي نزعتي الإيرانية والإسلامية؟ وما هو دور الثورة في بناء الهوية؟ هذه كلّها من الأسئلة التي علينا الإجابة عليها.

و أضاف: من الثغرات الأساسية في مجتمعنا أنّنا لم نصل حتی الآن إلی نظرية إسلامية يقبلها الجميع فيما يتعلق بالهوية. نحن نجيب في دراستنا هذه إلی سؤالين أساسين وهما: الأول هل الهوية الثورية أمر واقعي يوجد حقيقة؟ الثاني وإذا کان امراً واقعياً يوجد حقيقة، فما هي عناصر هذه الهوية؟ وضّح ذو علم في كلامه أنّ الهوية أمر ملموس وليس أمراً ذهنياً وقال: الهوية نتاج العمليات الاجتماعية وفيها تاريخ وهياكل وعمليات. ففي هويتنا هناك ثلاثة مؤشرات وهي: الإيرانية، والإسلامية، والثورية. الإيرانية تؤكد تاريخنا، والإسلامية تؤكد فكرنا، والثورية تؤكد خارطة طريقنا.

أشار ذوعلم فيما يتعلق بماهية الهوية الثورية إلی منهجين، علينا الإهتمام بهما وقال: هناك نهج كلي، له رؤية تفصيلية؛ وهناك نهج جزئي، له رؤية جزئية. الهوية الثورية يعني الإسلام المحمدي الأصيل في المؤشرات الإسلامية والدينية لنا، بعبارة أخری إذا نحن نقول بدور للإسلام فالهوية الثورية تهتم بالإسلام الاجتهادي والاجتماعي والعقلاني علی حساب الإسلام الظاهري والتعبدي البحت، فلذلك هويتنا الثورية ليست شيئاً مختلفاً عن هويتنا الإسلامية.

عدّ رئيس مركز الثقافة والدراسات الاجتماعية عناصر الهوية الثورية وأضاف: من عناصر هويتنا الثورية هي التوحيد الإسلامي الأصيل، ومركزية ولاية الفقيه، والاجتهاد الفعلي، والعقلانية الثورية، والاهتمام بالشعب أو خدمتهم، ومقارعة الاستكبار، والمطالبة بالاستقلال والكرامة، وحرية التفكير، والنظرة التقدمية ودفاع المظلوم في سبيل الحق.

أكد ذو علم علی الفراغ النظري الموجود في هويتنا قائلا: تعريفي للهوية ليست تعريفاً تكاملياً ولا اندماجياً ولا تركيبياً، بل هوية تراكبية وهذا يعني أنّ الطبقات المختلفة تركب بعضها بعضاً. كما قال الفلاسفة فيما يتعلق بالعلاقة بين الشكل والمادة. فالشكل الأخير هو الذي يعطينا الهوية. وما دام لم تكن لدينا نظرية محددة حول الهوية ونبحث علی أساس المفروضات، فسيكون جلّ بحثنا بيان نفس مؤشرات الهوية.

أضاف في كلامه أنّ الثورية ليست قضية مؤقتة قائلاً: نعم صحيح أنّ الثورة كحدثٍ وقعت في فترة زمنية، بيد أنّ خطاب الثورة وإطارها الفكري النظري ليس شيئاً مؤقتاً، بل أمر مرحلي، له مراتب ومستويات. كذلك الهوية ليست أمراً جامداً ثابتاً، بل قضية قابلة للترقية والانحطاط، لكن الثورة الإسلامية الإيرانية حصلت علی طفرة هوية. واصل ذوعلم كلامه قائلاً: الهوية هي ما نكون نحن، والآن لدينا مجتمع مسلم ثوري. وإذا تأملنا في المجتمع السعودي والباكستاني، نفهم الفرق بيننا وبينهما. هويتنا الوطنية هي مؤشرنا الإسلامي والإيراني والوطني.

أشار في كلامه، أنّ في داخل البلاد، هناك تيارات تعتبر نفسها ايرانية أم شيعية إلي درجة كبيرة، بيد أنّه لا علاقة لها بالإسلام الأصيل، إذ ليست لها حقيقةً عناصر ثلاثة عشر في مؤشرات الثورية وقال: علينا مناقشة الهوية الثورية. وهدفنا في مناقشتنا هذه، هو جعل هذه العناصر للمؤشرات الثورية والإسلامية عقلانية مستدلة. ليس بإمكاننا حذف أي بعدٍ من هويتنا لأنّ مؤشرات الهوية الإيرانية والإسلامية لا يمكن حذفها.

أضاف هذا الباحث في كلامه قائلاً: الثورية لاتوازي الإسلامية والإيرانية بل لكلّ منها دور خاص، وتعتمد هويتنا الثورية علی الإسلام. ولذلك من الملفت للنظر التنسيق مع المجتمعات الإسلامية والتحرك نحو الحركة الإسلامية. علينا المحاولة وتوفير الممهّدات كي تتحقق الهوية الإسلامية والثورية في المجتمعات الإسلامية ولكنها ليست ايرانية، فعلي سبيل المثال هناك الإسلامية الثورية لليمن والإسلامية الثورية لمصر.

صرّح هذا العضو لهيئة التدريس في قسم الدراسات الثقافية: إذا لم تتم إعادة نظر وتعميق مؤشرات هويتنا الثورية، نواجه مشاكل وأزمات في طريقنا نحو بناء الحضارة. علينا استقلال نظري وبإمكان الهياكل المستنبطة من الإسلام أن تصلنا إلی الحضارة الأصيلة. ختم ذوعلم كلامه مشيراً إلی الروح الثورية قائلاً: أنّ الحضارة الإسلامية الجديدة حركة تقدمية وليست حركة رجعية إلي ألف سنة ماضية، وعلی هذا الأساس يجب أن نعيد المفردات الأساسية، لأنّه دون الثورة لاتتحقق تجربة التطور المحلي.